الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: هل خذل حزب نداء تونـس ناخـبـيـه؟

نشر في  04 فيفري 2015  (10:12)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

قبل الانتخابات تجنّد مئات الآلاف من التونسيين لمؤازرة حزب نداء تونس حتى لا تفوز حركة النهضة.. فعلوا ذلك لإنقاذ تونس من تهديدات الظلامية وحلفائها في الترويكا.. وخلال الحملة الانتخابيّة أكد «نداء تونس» أنّه لن يتحالف مع من يختلف معه في القيم والرؤية فصدقناه وقد كنت من بين من كتب وصوّت لفائدته..
واليوم وبعد أن أعلن السيد الحبيب الصيد رئيس الحومة عن تركيبة فريقه شعرت مثل الكثير من التونسيين بالقلق والخوف على تونس ومستقبلها وكنت كتبت منذ أسابيع مقالا أكّدت فيه أنّي لن أمنح رئيس الجمهرية ولا حزبه «بطاقة بيضاء» حتى وإن كان لي أصدقاء كثيرون في هذا الحزب..
وللتذكير فأنا لست من الاستئصاليين وأعتقد انّ حركة النهضة لها موقعها في السّاحة السياسيّة لكنّي اعتبرها حزبا دينيا مصمّما على عدم القطع مع الحركة الاسلاميّة العالميّة ولا مع قطرولا مع تركيا كما انّ علاقته مع الحركات العنيفة غامضة، وفضلا عن ذلك فهو يفتقر للكفاءات لتصريف شؤون البلاد، وقد رأينا بأم أعيننا كيف كان يحاول اركاع الدولة واضعافها بكلّ الوسائل.. وما لم يحدّد هذا الحزب علاقته بالمتشدّدين في الدّين و«يتونس» نفسه فسأكون من معارضيه..

واليوم أتوجّه للحزب الذي صوّت له لأسأله بكل صراحة كيف تمّ «طبخ» هذه الحكومة.. لماذا تخلّى نداء تونس عن الوزارات الثلاث وهي الدّاخلية والدّفاع والعدل؟ علما انّ أغلبية القضاة عبّروا عن استيائهم من تعيين ناجم غرسلي وزيرا للداخلية والذي اعتبروه من أسوأ القضاة وقد كان يحاول تدمير جمعيّة القضاة بتعليمات من أجهزة بن علي! فهل يعقل ان يخطّط لمكافحة الارهاب ويسهر على فتح جدّي لملفّات اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي ويقصي الأمن الموازي؟ ودون لفّ ولا دوران، ما هو تأثير حزب النهضة على هذا الاختيار؟ انّ عددا هامّا من السياسيين والديمقراطيين غير مطمئنين لهذه التسمية الغريبة والحال أنّ البلاد تزخر بالإطارات الوطنية المحايدة والتي لن تراعي أي مصلحة في حربها على الارهاب عدا مصلحة تونس؟ فهل انتخبنا حزب نداء تونس والسيد الباجي قايد السبسي حتي يتفقا على تعيين هذا الوزير على رأس الداخلية؟ أنا لست أبله حتى أقبل هذا التعيين الذي يتماشى ورغبات النهضة، ولو كنت أعلم ذلك قبل الانتخابات، ما انتخبت لا الباجي ولا النداء، والثابت انّ نداء تونس لن يحرز الاّ على أصوات قليلة في الانتخابات المقبلة بما أنه خذل ناخبيه وخاصة النساء اللائي صوّتن لفائدته.. ثم لماذا حذف منصب الوزير المكلّف بالأمن الذي كان يحتله السيد رضا صفر وكلّنا نعرف أنّ هذا الرّجل أدخل تحسينات ملموسة على الأجهزة الأمنية! فلماذا أقصي هذا الوزير وما هي الأسباب الحقيقيّة الكامنة وراء ذلك؟
ثمّ لماذا تمّ تغيير السيد العروسي الميزوري وزير الشؤون الدّينية المنتمي لنداء تونس والمتفتح  بالأستاذ عثمان بطيخ وكلاهما من أنصار اسلام جامع الزيتونة؟ فهل صحيح انّ هذا التغيير حصل بطلب من حركة النهضة لأنّ السيد بطيخ أكثر محافظة و«مرونة»؟

ثم لماذا وقع تغيير وزيرة المرأة السيدة خديجة الشريف المعروفة بمواقفها الواضحة في كلّ ما يخصّ حقوق المرأة وبمعارضتها للحركات الدينية المتطرّفة بالسيدة سميرة مرعي قريعة، علما انّ السيدتين من المناضلات؟ وللتذكير فقد كانت السيدة خديجة شريف رئيسة جمعيّة النساء الدّيمقراطيات مدافعة شرسة عن حقوق المرأة، فهل كان هذا سبب اقصائها؟
وإذا تعمّقنا في تحليل التركيبة الحكومية  المعروضة للاحظنا ان أغلب طلبات حزب النهضة لم يعترض عليها نداء تونس إذ قبل «بتحييد» وزارات الداخلية والعدل والدفاع التي لن نذيع سرا إذا قلنا انّ الحلّ والربط بأيديها.. على الصّعيدين الأمني والقضايا..
وللتذكير فانّ حركة النهضة لم تتخلّ بعد فوزها في انتخابات 2011 عن هذه الوزارات واستعملتها للتحكّم في مفاصل الدولة، وقد كان من مصلحة الجمهورية ان يقع تعيين وزير داخلية أكثر صرامة وعزما على محاربة الارهاب والفساد في الحدود.. ومع كل هذه الملاحظات فإنّ الحكومة الجديدة ورغم خصال بعض وزرائها ووزيراتها تفتقر للرّوح لأنها حكومة فسيفسائية أغلبها من الشق الليبيرالي خاصة اقتصاديا فأي عدالة اجتماعيّة يمكن ان ينتظر منها أبناء الولايات الحدودية وأي عدالة اجتماعية يمكن ان تنتظرها الطبقة الوسطى والفقراء ومهما كانت الاخفاقات أو النّجاحات فانّ المسؤولية ستكون مسؤولية نداء تونس دون سواه، وهو الوحيد الذي سيدفع الفاتورة بعد أشهر أو سنوات مع الإشارة الى انّ الأغلبيّة من النساء والديمقراطيين الذين صوّتوا لفائدة نداء تونس اما لن يكترثوا بالسياسة أو انّهم لن يجدّدوا ثقتهم في النداء بعد أن خذلهم..
انّ الإحساس بالمرارة لن يقدر أيّ كان على محوه فقد كنا ننتظر حكومة حرب على الارهاب والرّكود الاقتصادي فإذا بنا أمام حكومة أحزاب خالية من كلّ تناغم سياسي وبلا روح، وليس لأيّ من أعضائها «حلم» و«مشروع» تصبح تونس بفضله بعد عشر سنوات تنين  (Dragon)  البحر الأبيض المتوسط بحيث تنمو سنويا بنسبة تفوق 10 ٪ ويطيب العيش في ولاياتها المقصيّة!